الموضوع:

د.فهد بن حمود العنزي
تُعد الوساطة في التأمين إحدى أهم المهن المرتبطة بهذا النشاط، وقد حرصت التشريعات المعاصرة على تنظيم هذه المهنة والعناية بها. ومع أن دور وسيط التأمين في المملكة لا يبدو واضحاً لكثير منا، على الرغم من أن النظام اعتنى بشكل كبير بالتعريف بمهنة وسيط التأمين، والتعريف بدوره وبالالتزامات الملقاة على عاتقه، حيث اشترط النظام أن يتخذ الوسيط شكل شركة، وعرّفت المادة الأولـى من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني وسيط التأمين بأنه: الشخص الاعتباري الذي يقوم لقاء مقابل مادي بالتفاوض مع الشركة لإتمام عملية التأمين لصالح المؤمَّن لهم. ويتضح من نص هذه المادة أن وسيط التأمين مهمته هي التفاوض مع شركة التأمين لمصلحة العميل مقابل حصوله على عمولة. ووسيط التأمين يختلف عن وكيل التأمين من حيث إن وسيط التأمين غير مرتبط بشركة معينة أو أنه مُلزم بتسويق وثائقها فقط.

فالوسيط له مطلق الحرية في التفاوض مع كل شركات التأمين والحصول على عروض منها لمصلحة عميله، وهو يستطيع كذلك تسويق وثائقها كلها. وله في سبيل البحث عن مصلحة عميله أن يفاوض أكثر من شركة، ويختار من بينها ما يحقق مصلحة العميل، وإن كان هذا الاعتبار المتعلق بتوخِّي الوسيط مصلحة العميل يتعارض مع فكرة أن الوسيط يحصل على عمولة من شركة التأمين، وهذا من شأنه أن يجعل فكرة بحث الوسيط عمن يعطيه أكبر قدر من العمولة من الشركات قائمة.

المشكلة الأخرى هي أنه إذا كان الوسيط حريصا على مصلحة العميل بشكل (مزعج)، فإن بعض شركات التأمين تتبرم من هذا الوسيط (المشاكس) وتحاول أن تبني علاقة مباشرة مع العميل وبالتالي التخلص من دفع العمولة للوسيط.

وعلى كل حال، فعلاوة على دور الوسيط في تقريب وجهات النظر بين شركات التأمين وعملائها وصولاً إلى إبرام وثيقة التأمين، فإن النظام في المملكة يُلزم وسيط التأمين بتقديم المشورة التأمينية السليمة للمؤمن لهم (العملاء)، حيث تنص المادة الرابعة والعشرون من اللائحة على أنه: على وسيط التأمين ووكيل التأمين واستشاري التأمين تقديم المشورة التأمينية السليمة للمؤمَّن لهم والإفصاح لهم عن أن تغطية الأخطار تتم عن طريق الشركة المصدرة للوثيقة. كما تقضي المادة 25 بأنه: على الوسيط تقديم معلومات وافية عن المنتجات للعملاء، وألا يكون هناك أي نوع من الإغراء أو التضليل، على أن تشمل المعلومات المقدمة كحد أدنى حدود التغطية التأمينية، واستثناءات التغطية، ومبلغ الاشتراك أو القسط، وتاريخ بداية ونهاية الوثيقة، وأي شروط تنص عليها الوثيقة، وكذا اسم الشركة المصدرة للوثيقة.

ولأنه قد ينتج عن ممارسة الوسيط عمله مسؤولية تجاه الغير فقد قضت المادة التاسعة من اللائحة بأنه: على الوسيط الحصول على وثيقة تأمين تغطي أخطار المسؤولية المهنية عن التقصير والإهمال والخطأ، ويجب ألا يقل الغطاء التأميني عن ثلاثة ملايين ريال.

كما ألزمت اللائحة الوسيط بأن يفصح للمؤمَّن لهم عما يحصل عليه من الشركة من عمولة وأتعاب مقابل الخدمات التي يقدمها، والعمل كذلك لما فيه مصلحة المؤمن لهم، وأن يتيح لهم الحصول على أفضل العروض والمنتجات التأمينية، وكذا الإفصاح عن ميزات الوثيقة بالمقارنة بالوثائق الأخرى المماثلة من حيث التغطية والسعر قبل التوصية بشرائها. ولذلك فإنه من المناسب أن يعي عملاء شركات التأمين هذا الدور الحيوي الذي يقوم به الوسيط، وكذا الالتزامات النظامية الملقاة على عاتقه، وأن يدركوا كذلك أن حقَّهم يبقى قائما في مقاضاته عن أي أخطاء مهنية يرتكبها في مواجهتهم.